رهبة الكمترى.. إيه أكتر حاجة ممكن تكون بتخوفك في الحياة؟.
الماضي، المستقبل، الحياة نفسها.. الضلمة مثلا والجن والعفاريت؟.. ممكن طبعًا، بس أنا الموضوع بالنسبة لي غريب شوية، غريب لدرجة انه كوميدي ومضحك لأبعد حد ممكن تتخيله، لأني بخاف من الكُمترى.
شوفت مضحك ازاي؟!، اديك ضحكت اهو..
لكن في الحقيقة هو مرعب … مرعب لدرجة تخليك تشك في كل حاجة حواليك، حتى أقرب الناس ليك، خوفي ده كان ناتج تجربة مريرة، مرعبة، محزنة بكل المقاييس، خلتني اتغيرت واتحولت ومبقتش أثق في أي حد نهائي، حتى نفسي..
من حوالي سنتين كنت خاطب بنت بحبها جدا، كانت كل حاجة بالنسبالي، هي الحياة نفسها، وكل يوم كان بيعدي علينا كنت بتعلق بيها أكتر وهي كمان كانت بتبادلني نفس الشعور والإحساس …
الحياة كانت جميلة ومستقرة لمدة سنة كاملة وهي فترة الخطوبة وقبل الفرح ب4 أيام كل حاجة اتغيرت!!، فجأة مبقتش طايقها!!، كانت بمجرد ما بتنطق بس بحس بنار جوايا عايزة تحرق*ها وتنهي وجودها!!، واول ما بشوفها بحس كأن فيه حاجة بتختقني وكاتمة نفسي وعايزة تاخد روحي!!!، كنت بحاول اكدب نفسي، وأقول انها مجرد مهاترات وحالة نفسية من الحياة الجديدة اللي انا داخل عليها، عدى يومين وانا الاحساس جوايا بالضيق وعدم الراحة ناحيتها بيزيدوا، لدرجة ان قبل الفرح بيوم واحد قررت اني هسيبها، كنت فعلا مش قادر اشوفها أو ابصلها، كل ما كنت ابصلها كنت بحس انها دميمة لدرجة بشعة، كأنها قرد!!، او مسخ مُشوه!!!، لكني رضحت قدام كلام العيلة، وأنه مينفعش ده يحصل، ده كل اللي فاضل ساعات قليلة على الفرح، ازاي ممكن اعمل كده واكسر البنت وأهلها… كان كلامهم مظبوط وصح، لكن فيه حاجة غريبة ومريبة بتحصل انا مش قادر اتحكم فيها!!، بحاول اجاهد الاحساس ده وادور على احساس الحب اللي كان جوايا ليها وضاع واختفى فجأة، انا نفسي مش فاهم اللي بيحصل ده، بيحصل ازاي وليه؟!…
حاولت امنع أي رغبة جوايا، حلوة كانت أو سيئة، كان لازم اعدي اليوم وخلاص، حاولت اني امنع عيني تيجي ناحيتها نهائي، حاولت اني امنع الاحساس اللي جوايا اني اشوفها مسخ، كانت عمالة تسألني ايه مغيرني كده ومكنتش لاقي اي اجابة ارد بيها عليها، واليوم عدى، او بمعنى اوضح الفرح عدى وخلص وروحنا على البيت…
واول ما الناس مشيت واتقفل علينا باب واحد وعيني جت عليها شفت قدامي غوريلا!!، غوريلا بشعة!!، جسمها كله شعر كثيف ومُقرف لأبعد درجة، عنيها حمراء وملتهبة، ليها ريحة كريهة جدا، فضلت اغمض عيني وأفتحها يمكن أكون بحلم وكل مرة بغمض عيني وافتحها بشاعة الغوريلا بتزيد أكتر وأكتر، محستش بنفسي غير وأنا بجري وبدخل اوضة النوم وبقفلها على نفسي، مكنتش قادر آخد نفسي، جسمي بيرتعش واعصابي مش عارف اتلم عليها، وسمعت صوت غليظ جاي من بره وبيقول:
وفجأة الصوت اتبدل بصوت مراتي الطبيعي وهي بتعيط وبتقولي:
مكنش عندي رد ساعتها .. سكت وانا حاسس بضيقة جوايا وعذاب ضمير كبير، فتحت الباب وخرجت لكني ملقتهاش، ندهت عليها وردت عليا وصوتها كان جاي من الغرفة التانية وقالت بحزن وحسرة:
سيبني في حالي لو سمحت … انا محتاجة انام ..
رجعت اوضة النوم وفضلت أفكر واسترجع كل الأحداث قبل التغيير اللي حصل ده، يمكن أقدر أوصل لسبب لكل الحاجات الغير منطقية اللي بشوفها وبحس بيها دي..
لكني مقدرش اوصل لحاجة، والتفكير تعبني والنوم غلبني ونمت، وصحيت على صوت نفس ليه ريحة كريهه جدا قريب من وشي!!، واول ما فتحت عيني شفته نفس الغوريلا بمنظهرها البشع وشها في وشي!!، ظهر للحظات وفجأة اختفت!! .. قومت بصرخ من على السرير ومراتي جت من بره جري على صوتي، كانت بهيئتها الجميلة اللي طول عمري ومعرفتنا ببعض بحبها ومنبهر بيها، قالت بلهفة:
مالك؟، قولي بس ايه اللي حصل لك؟..
رديت وكأني مش انا اللي رديت!!، وقولتلها:
امشي اطلعي بره .. مش عايز أشوف وشك..
جريت وهي بتعيط ودخلت الأوضة وقفلت على نفسها، كنت بقول لنفسي بإستغراب:
انا ازاي نطقت الجملة دي؟، ازاي قدرت اجرحها كده؟..
مكنتش متحكم في نفسي نهائي!!، كأن حد جوايا بيتحكم فيا وبيتكلم بصوتي ولساني!!…
اتصلت على اخويا الكبير وطلبت منه انه يسيب كل حاجة في ايده ويجيلي حالا، وبعد ساعة كان عندي في البيت، وشه مخطوف وسألني وهو مخضوض:
مالك يا ابني؟ .. في ايه حصل؟!..
حكيت له على كل حاجة، من اول احساسي بالضيقة تجاه مراتي قبل الجواز لحد لحظة ما جرحتها بكلامي..
كان رده غريب!!، آخر تفسير كنت ممكن أفكر فيه
وقالي:
اللي انت بتقوله ده ملوش الا تفسير واحد بس، في حد عاملك عمل، او سحر بالربط …
فضلت أضحك بسخرية، وانا مش مصدق انه هو ممكن يعتقد في الحاجات دي … وسألتي ان كنت روحت مكان معين قبل ما احساس الضيقة ده يظهر جوايا أو قابلت حد اداني حاجة غريبة، أو كلت حاجة او …
قبل ما يكمل قولتله بسرعة:
اه .. افتكرت … قبل اليوم اللي حسيت فيه اني مش طايق روان مراتي قبل الجواز، روحت عند خالك، وكانت مراته عاملة اكل عشاني بس انت عارف اني مبطيقهاش، فمكلتش ورفضت، كان فيه اصرار غريب اني اكل، اي حاجة وخلاص، وبعد ما أكلوا وقولت خلاص اني خلصت من العزومة المحبطة دي اللي جيتها غصب عني، لقيت مرات خالك بتديني كمتراية وأصرت آكلها، فأتكسفت وأخدتها كلتها، ومن تاني يوم بدأت أحس بإحساسي كُرهي لروان ده فعلا …
بص لي وهو بيقولي:
كده انا صح … الست دي سيئة فوق ما تتخيل، ومن زمان مشاكلها مبتخلصش، كل مرة نقول ربنا هيهديها لكن شرها بيزيد اكتر واكتر يوم عن يوم..
هو انت يا ابني ازاي نسيت انها كانت هتموت وتجوزك بنتها؟!..
جاوبته بحيره:
مكنتش مُتخيل ان تفكيرها ممكن يوصلها لكده، او تفكير أي حد ممكن يوصله أنه يأذي حد بالطريقة دي أبداً….
قام وهو بيقولي:
اعتذر لمراتك، واستهدى بالله كده وأطرد الشيطان من جواك، وكله هيبقى تمام وبخير … وسابني ومشي …
روحت عملت كبايتين شاي وقولت لنفسي:
انا لازم اطرد عن نفسي كل الأفكار السيئة دي وأصالح روان … وروحت عن الأوضة اللي هي فيها خبطت، ولما فتحت واول ما شوفتها، بدون وعي، لقيتني بقولها انتي طالق!!!..
فضلت واقفة قدامي مبرقة وبوقها مفتوح من الصدمة والذهول، وده كان نفس احساسي!!، مش انا .. مش انا اللي قولت كده، حد جوايا بينطق بصوتي ولساني!!!..
قفلت في وشي الباب، غابت شوية وخرجت لابسة هدومها وراحت في اتجاه باب الشقة فتحته ومشيت!!، الغريب اني متحركتش من مكاني كأني متكتف!!، ومحاولتش حتى امنعها!!!…
اتصلت بأحمد اخويا تاني، وحكيت له اللي حصل، وبعد شوية رجع لي تاني وكان في قمة غضبه، وقالي لازم نشوف ايه اللي بيحصل ده بالظبط… اتصل بحد من تليفونه واداله عنواني، وبعد ما قفل المكالمة قالي:
الشيخ سيد هيجي بعد ساعتين..
قضينا الساعتين دول في كلام وتخمين وتحليل كل اللي حصل وبيحصل، لحد ما جرس الباب رن وفتحت لقيت راجل ملامحه بسيطة، اسمر في منتصف الاربعينات، ليه ابتسامة مميزة وحضور قوي يخلي قلبك يطمن من مجرد ما تبص له، دعيته للدخول وقفلت الباب ودخلنا للصالون، بعد ما عرفته بإسمي والترحاب، حكيت له اللي حصل كله، ابتسم وقالي:
الناس سيئة جدا يا أستاذ باسل فوق ما تتخيل ، يمكن أسوء من التخيل نفسه، واللي عمرك ما تتخيل انه يكون سبب أذيتك هو المرشح الاول انه يأذيك، لأنه قريب وعارفك كويس ويقدر يوصل لحاجات كتير عنك ومنك تساعد في أذيتك، ومفيش أسهل من الأذية دايماً…
الشيخ سيد صوته وكلامه مريحين جدا، واداني أذكار أقراها ووصاني بقراءة سورة البقرة والمعوذتين، يوميا قبل النوم واول ما أصحى لمدة 3 ليالي، واني أمسح كل ركن في الشقة بمايه وملح وأقرأ بعض الأذكار على المايه قبل ما أمسح بيها الشقة… والأهم اني ما سبش فرض نهائي، واجاهد نفسي والشيطان واصلي..
وفعلا عملت كده، وكل ليلة كانت بتفوت كنت بحس اني في حال أفضل من اللي قبلها، كنت بحس آه ان فيه حاجات معايا في الشقة وأصوات وخيالات لكن كنت بعمل بنصيحة الشيخ وبجاهد نفسي ضد كل ده، وبعد مرور ال3 ليالي، حسيت اني أنا من تاني، حسيت ان نفسي رجعت لي، كإن روحي مكنتش فيا واترد لي…
كلمت الشيخ ووصفتله احساسي بعد ما ال3 ليالي عدوا، فقالي روح لمراتك ردها، وطمنها واعتذرها، صلي بيها، واستعن بالله..
نفذت كلامه، وفعلا روحت لمراتي، وبعد معاناة في اقناعها، اقتنعت، لانها بتحبني، وفعلا كنت شايفها بهيئتها الجميلة اللي بتسُر قلبي وعيني دايماً، ورجعت الحياة جميلة زي ما كنت بخطط اني اعيشها وأفضل كمان بالإيمان بالله …
لكن الانسان دايما عنده جزء جواه مهما كان بيجبره وبيخليه يخضع لكونه إنسان، ولحد النهارده انا فعلا بخاف من الكمترى جدا ….
تمت..
رهبة الكمترى..
#فهد_حسن